الاسم الاعظم معناه وتلقينه
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك اختلاف بين العلماء في وجود اسم اعظم لله تعالى فانقسموا الى منكر لوجوده اصلا،وقالوا باعظمية اسمائه سبحانه وتعالىكلها،ومن قائل بوجوده ولكن اختلفت هذه الطائفة في تعيين هذا الاسم،ولقد جمع الامام السيوطي ما يربو على عشرين قولا.لذلك فان القول بوجود اسم اعظم لله تعالى لايعني ان الاسماء الاخرى ليست بعظيمة لكن نقول بان هناك تفاضل في الاسماء فمنها العظمى و الاعظم،وقدسأل رجل ابا يزيد البسطامي رضي الله عنه عن اسم الله الاعظم فقال:"ارني الاسم الاصغر حتى اريك الاسم الاعظم".والتحقيق عند الصوفية ان اسم الله الاعظم هو جوهرة مكنونة صانها الله عن كل من ليس هو اهل لها فالصادق من العباد هو الذي يطلبها وهو حال يتحقق به ليس بقول يذكروينطق.
روى ابو نعيم في الحلية عن ابي يزيد البسطامي انه سال سال رجل عن الاسم الاعظم فقال:"ليس له حد محدود انماهو فراغ قلبك لوحدانيته فاذا كنت كذلك فافزع الى اي اسم شئت فانك تسافر به الى المشرق والمغرب". والمعنى ان الاسم الاعظم هو تجلي معنى الوحدانية على قلب العبد فلم يبق فيه للغير وجود وهو حال يصل اليه العبد لا قول ينطق به ويردده.
وروى ابو نعيم في الحلية ايضاعن ابي سليمان الداراني قال:"سالت بعض المشايخ عن اسم الله الاعظم قال: تعرف قلبك .قلت نعم قال :فاذا رايته قد اقبل ورق فسل الله حاجتك فذاك الاسم الاعظم.
لذلك فان رقة القلب هي المعول عليها وان الدعاء باسمائه مشروطة برقة القلب حتى يكون اسم اعظم.
لذلك يتبين ان الاسم الاعظم هو حالة وجدانية ذوقية يتحقق بهاالمريد بعد طول جهاد وممارسة بحيث يصير الحق سبحانه وتعالى مشهودا في كل الانفاس فان نظر فتم وجه الله وهذا هو المعروف عند السادة الصوفية بمقام الفناء وقد نص عليه الحديث الذي رواه مسلم عن سيدنا عمر وفيه :ثم سال عن الاحسان قال،ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك.
الا ان هذا المقام لا ينال الا بذكر اللسان اولا ثم الجنان ثم الشهود والعيان.اذن لابد من اسم من اسماء الله تعالى يكثر المريد من ذكره حتى تنكشف له الحجب ويذوق لذة القرب.ولقد راى كثير من اهل العلم ان اسم الذي ينقلك الى التحقق باسم الله الاعظم هو لفظ الجلالة (الله)ولذلك فلقد عرف عند ساداتنا في الطريقة الشادلية الذكر بالاسم
المفرد مع مد الصوت حتى ينقطع النفس ويسمى بالورد الخاص يؤذن به المريد بعد ادخاله الخلوة يذكره صباحا ومساءا.وفي اوقات الفراغ.قال تعالى: ( واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا)وقال ايضا واذكر اسم ربك بكرة واصيلا) وقال تعالىقل الله وذرهم في خوضهم يلعبون).
عند ذكر المريد الاسم فانه يقوم بتشخيص حروف الاسم الذي وضع امامه وقد كتب باللون الابيض واذا ما تشخص ارتحلت الغفلة وعرج المريد بروحه في ملكوت السموات حتى العرش والكرسي والاقلام ثم يدخل مقام الجبروت ويذوق طعم المعرفة بالله وبعد ذلك يعود الى مقام البقاء بعد الفناء ليكون مع الناس بجسده ومع الخالق بقلبه،وبعد الخلوة يؤمر المريد بالمحافظة علي ذكر الاسم (الله)صباحا مساءا حتى يبقى على صلة بالله .اما عن التلقين فهو وضع المريد في هذا المقام ولا يكون ذلك الا لمن سبقت له من الله الخصوصية فقد اخرج مسلم عن سيدنا ابي بن كعب قال كنت في المسجد فدخل رجل فصلى فقرا قراءة انكرتها عليه ،ثم دخل اخر فقرا سوى قراءة صاحبه فلما قضيا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله (ص) فقلت ان هذا قرا قراءة انكرتها عليه فدخل اخر فقرا قراءة سوى قراءة صاحبه فامرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسن النبي يشانهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا ان كنت في الجاهلية فلما راى رسول الله ما غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكاني انظرالى الله عز وجل فرقا.) ولنقف مع الشاهد في الحديث (وكاني انظر الى الله عز وجل فرقا )هذا مايسمى عند الصوفية بمقام الشهود وهونفسه مقام الاحسان .ففي الحديث الاول هناك لفظ كانك تراه وفي هذا الحديث انظر الى الله ،وعليه فليس هناك رؤية ولا نظر ولاكن اعجاز العقل و الفكر عن الوصف جعل اللسان لايشبه ذلك الا بالرؤية والنظر لانه جل ربنا عن الاحاطة والادراك. وفي هذا الحديث الدلالة على تلقين النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا ابي بن كعب الاسم الاعظم حتى زجه في النور فلا يرى ما سواه اذ لاغير مع وجوده.
ولذلك يضع الشيخ المريد بخصوصيته في مقام الاسم الاعظم كل على قدر همته فمنهم بنظرة ومنهم بانفاس معدودة يكون ذلك بالدخول الى الخلوة.واختم الموضوع بمقولة سيدى ابن عطاء الله السكندري في وصف الشيخ: ( شيخك هو الذى ما زال يجلو مراة قلبك حتى تجلت فيها انوار ربك ،انهضك الى الله فنهضت اليه وسار بك حتى وصات اليه ومازال غازيا لك حتى القاك بين يديه فزج بك في نور الحضرة وقال :هاانت وربك) .